((تطبيق قانون القتل الرحيم يلقي بالانسانية الى التهلكة ويزج الطب الى الجحيم))
الكاتب
//حسين خريبط/
لقد اثارني موضوع انتشر بالاونة الاخيرة في المجتمعات الغربية وان كان له جذور قديمة وقد طبق في بداية الالفية الثانية في اغلب دول اوربا وهو ما يعرف بقانون ( القتل الرحيم ) وقد اطلق عليه ايضاً ( الموت الرحيم ) و ( رصاصة الرحمة ) و ( الموت بكرامة ) .
في البداية اود الاشارة الى جذور مفهوم ( القتل الرحيم ) وهو مصطلح يوناني الاصل القصد منه الموت اليسير او الموت الكريم ، ويرجع تاريخه للعصور القديمة حيث كانت القبائل البدائية ، تقوم بقتل العجزة والمعاقين لانهم يعيقون القبيلة حين تنتقل وترتحل من مكان الى اخر ، كما يقومون بدفن المصابين بامراض معدية للوقاية من انتشار المرض بين الاصحاء ، ولقد اخذت هذه الفكرة من الطب البيطري حيث ان الحيوانات الغير منتجة تقتل ، كما ان لافلاطون رأيه في انشاء مدينته الفاضلة الخالية من الامراض والعلل حيث كان يرى
الذين تنقصهم سلامة الأجسام فيجب أن يُتركوا للموت
كما كانت هذه دعوة النازيين في القضاء على المرضى والضعفاء المصابين بعاهات جسدية أو عقلية، معتبرين أنهم جراثيم تعبث بالمجتمع.
ان حق كل انسان في الحياة اقره الله ، ويرجع الى تكريم الباري عزوجل للانسان ، لذا يعد قتل النفس البشرية من اقسى وابشع الجرائم وليس لها اي تبريرات ، وهذا ما اتفقت عليه كل الديانات السماوية ، فالحياة هبة من الله وحده فليس لاياً كان الحق غيره سبحانه وتعالى التصرف فيها .
لقد اصبحت حكاية القتل الرحيم التي ستذهب اصحابها الى الجحيم من اهم القضايا الاخلاقية في المجتمع اليوم والتي يسعى العالم الغربي الى تبريرها اخلاقياً وقانونياً واقتصادياً وحتى من الناحية الدينية ، بحجة ان الانسان قد يصل الى مرحلة من المرض يصبح الامل معدوم في شفائه ، وما يرافقه في اغلب الامراض المستعصية والميؤس منها عذاب الالم التي يصعب احتمالها، مما جعل مسألة القتل الرحيم الحل الامثل لانهاء معاناة المريض ، وتحويل فكرة بشاعة القتل لترى بعين الرحمة والشفقة ، فضلاً عن التكاليف الباهضة التي تكلف الدول للاستمرار بعلاج حالات لا يمكن الشفاء منها .
اذن ما الفرق بينهم وبين المنظمات الارهابية التي تتحكم بارواح الناس وتقرر سلب حياتهم وحقهم في الحياة ، اليست الارواح ملك لخالقها ، اين دور ملك الموت في قبض الارواح ، اليس الامر فقط من الله سبحانه وتعالى ، الا يعتبر هذا تدخل بمهام ترجع للخالق وحده ، الا يعد انتهاك للمكانة الالهية ، اين الانسانية في قرار انهاء حياة انسان بذريعة الرحمة ، وهل هناك رحمة في القتل ، الم يصبر النبي ايوب على مرضه سنين طوال وتحمل العذاب والالم ، وقد شافاه الله بعد دعائه ، ان قانونهم هذا يسفه من حياة البشر ويحط من قدرها ، ويشجع الناس على الهروب وعدم المواجهه ، حيث يفضل الموت على تحمل اعباء المرض، وحتى ان اختار الشخص انهاء حياته ، فهذا ليس من حقه لان نفسه امانة عنده وهي ملك الله وحده ، فاصعب شعور ينتاب الانسان بأنه عبئ على المجتمع ، اليسوا مسؤولية الدولة والمجتمع حالهم حال الاصحاء، ام الخدمات فقط لمن يمتلك صحة جيدة ، هل انقلبت الموازيين ،حتو حرمان الفرد من الشعور بالالم ومواجهة المرض ومحاولة التغلب عليه هذا ليس من حق اي شخص كان .
ان هذا القانون ان دل على شيء انما يدل على التملص من المسؤولية تجاه المرضى .
فمن حق اي مريض اياً كانت درجة مرضه الحصول على العلاج الملائم، وتوفير له بيئة ملائمة ووفقاً لمعايير إنسانية وليس هناك أحقية في إنهاء حياته اياً كانت درجة المرض .
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم ماالجدوى من وراء الطب اذن …؟ اين دور الاطباء أليس الهدف إيجاد العلاجات وتخفيف الآلام؟
الا يعتبر سن هكذا قوانين بعيدة كل البعد عن المنظومة الانسانية ولا تمت لها بصلة لا من بعيد او من قريب ، سيقلل من قيمة الأبحاث الطبية للسعي في اكتشاف طرق جديدة للعلاج هذا بالاضافة الى احتمالية الخطأ في التشخيص الطبي أحياناً، لأشخاص قال الطب إن حالاتهم لا علاج لها وميؤس منها ، لكنهم عاشوا سنوات طويلة .
أن كل من الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية ترفض بشدة تشريع هكذا قوانين، وتحارب الأحزاب الدينية تشريعها في الدول الغربية.
تتجلى فكرة الإيمان في ان الله هو وحده المسؤول عن إنهاء الحياة البشرية، ووجود هكذا تشريعات تهدد فكرة الإيمان بالله، وتعطي للانسان حرية اختيار ساعة موته، وهذه مسألة دينية بالغة الأهمية ولا يمكن غض النظر عنها لان لها عواقب وخيمة، حيث فكرة سلب الانسان حياته وتحت اي مسميات كانت تعد من ابشع القوانين المخالفة للانسانية ، فحين تطبق هكذا قوانين ستصبح نوعية الحياة متقدمة على حرمة الحياة، حينئذٍ سيقرر أي إنسان لا تعجبه حياته أو يشعر بالاحباط إنهاء حياته لأنها لا تتوافق مع الحياة التي نسجها في خياله او يحلم بها .
وسيكون هذا العالم عبارة عن غابة يعيش فيها أناس انانيين ، حيث ستستغل حياة حتى العاجزين والضعفاء، ان رفض هذا القانون ليس حكراً على المؤمنين، بل بعض اللادينيين والملحديين الذين يرون أن هكذا قانون يحط من قيمة الحياة الإنسانية. و يوصل رسالة مفادها بأن الموت أفضل من العيش مع عجز، ويعزز افكار الانتحار ويشجع على القتل ، وفلسفة اليأس،والاهم انه يقوم بقتل الامل بالحياة .